السبت، 12 أكتوبر 2013

لماذا حرم الاسلام الانتحار؟


إن المسلم حقاً هو من هداه الله لدينه ووفقه الله لمعرفة أسباب السعادة ، 
والتي أهمها الإيمان بالله تعالى ، وبما جاء عنه سبحانه ، وتصديق رسوله 
، والعمل بمقتضى هذا الإيمان ، ونظراً لغلو بعض المسلمين في مدح المجتمعات
الغربية غافلين عن سيئاتهم ، وعن كثرة حوادث الانتحار في مجتمعاتهم ، التي
ترتفع نسبتها في بعض البلدان الغربية فتصل إلى مئة منتحر كل شهر ؛ بسبب 
بُعدها عن المصدر الإلهي الصحيح ، وكان لا بدّ من إفراد الحديث عن الانتحار
، وعن خطورته وآثاره السلبيّة مع دخوله في قتل العمد - والقتل العمد إذا 
أطلق فغالب إطلاقه على قتل يقع من طرف غير الإنسان نفسه - .

تعريف الانتحار 

الانتحار : هو قتل الإنسان نفسه عمداً ، قاصداً إزهاق روحه .


حكم الانتحار 

الانتحار محرّم ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ، التي توعّدَ الله تعالى عليها بعقوبة ولعن وسخط .

دليل تحريم الانتحار 

ثبت تحريم الانتحار وعقوبة فاعله في كتاب الله تعالى وسنة رسوله  .

من الكتاب :

[ سورة النساء آية 29 ]

وجه الدلالة : النهي الوارد في الآية الكريمة « لا » يقتضي التحريم ، وهو عام لكل صورة من صور القتل للنفس .

[ سورة البقرة آية 195 ]

وجه الدلالة : النهي الوارد أيضاً في الآية الكريمة « لا » يقتضي التحريم ، وهو عام لكل صورة من صور القتل للنفس .

ومن السنة :

قال رسول الله 
: مَن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنّم يتردّى فيها خالداً 
مخلّداً فيها أبداً ، ومن تحسّ سُماً فقتل نفسه فسمّه في يده يتحساه في نار
جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ 
بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً [ رواه البخاري ومسلم ].
من تردّى من جبل : من ألقى بنفسه . تحسّى سماً : شرب سمّاً . يجأ بها 
:يقتل ويجرح بها .
وقد ورد في غزوة أحد قصة الرجل الذي قتل نفسه لمّا جُرح جرحاً شديداً، بأن 
وضع ذباب سيفه « ذباب سيفه : رأس السيف ومقدمته » بين ثدييه، وتحامل عليه، 
فقتل نفسه - صورة ذلك أن وضع رأس السيف على صدره واتكأ عليه -، فقال رسول 
الله  : أما إنّه من أهل النار [ رواه البخاري ].
بناءً على هذه الأدلة ونحوها ، فإنّه يحرّم على الإنسان أن يتسبب في إلحاق الضرر بنفسه ، كما حرّم عليه إلحاق الضرر بغيره .

الحكمة من تحريم الانتحار 

إن الإنسان ملك لخالقه ومولاه ،

[ سورة المائدة آية 120 ]

فلا يجوز لأحد البتة أن يتصرّف في ملك غيره بدون إذنه لا عقلاً ولا شرعاً ، فالعقلاء يدْركون أن الإنسان ملك لله  ؛ لأنّه - سبحانه - خالقه ، كما أن النصوص القرآنية الدّالة على أن الإنسان ملك لله تعالى كثيرة منها :

[ سورة آل عمران آية 26 ]

والخطاب لك أيّها الإنسان ، فأنت في حقيقة الأمر مؤتمن على أمانات كثيرة ، 
أجلها وأعظمها نفسك التي بين جنبيك ، وقد أمرك خالقك بالحفاظ عليها ، شأنها
في ذلك شأن سائر الودائع التي استودعك الله عليها حتى يستردّها منك متى 
شاء سبحانه وتعالى .
المنتحر « وهو القاتل لنفسه والمزهق روحه عمداً » بارتكابه هذا الفعل الشنيع العظيم عند الله تعالى ، قد ارتكب جريمتين عظيمتين .
عدم الرضا بقضاء الله وقدره ، وضعفه عن الصبر على ما قدّره الله له وقضاه ،

[ سورة التغابن آية 11 ]

تعدّي المنتحر على ما لا يملكه .

[ سورة البقرة آية 190 ]

سعادة المرء ، وهدايته ، لا تأتي إلاّ باتباع هدى الله تعالى ، والخضوع 
لأوامره سبحانه والالتزام بها ، والضلال والضيق والشقاء والحزن سببه إعراض 
المرء عن ذكر ربّه ، وعن صراطه المستقيم .

[ سورة طه الآيتان 123 - 124 ]